vendredi 6 février 2015

عجائب

الكاتب : Cooking recipes بتاريخ vendredi 6 février 2015  | بدون تعليق





أعجب ما أعرف من أمر نفسي أني أحب الجمال خيالا أكثر مما أحبه حقيقة, فيعجبني وصف الروض أكثر مما يعجبني مرآه ولا أطرب لمنظر الفتيات الجميلات طربي لمنظر القصائد الغزليات، وأحب أن أسمع وصف المدن الجميلة وأن أقرأ ما يكتبه الكاتبون عن رياضها ومنازلها وقصورها ودورها وسهولها وبطاحها وأنهارها وجداولها وميادينها وتماثيلها وأنديتها ومجامعها ولا يهمني أن أراها، كأنني أريد أن أستديم لنفسي تلك اللذة الخيالية وأخاف أن تحول الحقيقة بيني وبينها، وأحسب أني لو كنت عاشقا لأصبحت أضحوكة العاشقين وأعجوبة الهازئين والساخرين، وكان يكون مثلي مثل ذلك الرجل الذي أحبَّ امرأة فاستزارها فمانعته حينا ثم زارته, فلما رآها تركها وذهب لينام, فعجبت لشأنه وسألته: ما باله؟ 
فقال لها: أريد أن أنام علَّني أرى طيفك في المنام.
إني لا أعرف شرفًا غير شرف النفس، ولا نسبًا غير نسب الفضيلة، وإنَّ هذه البائسة المسكينة التي تحتقرونها وتزدرونها لم تصنع ذنبها بيدها، ولا سعت إليه بقدمها، بل هكذا قدر لها أن تنبت في هذا المنبت القذر الوَبيء، فوَبِئتْ وقذرت، وليس في استطاعتها أن تعود إلى العدم مرةً أخرى لتخلق نفسها خلقًا جديدًا في جوٍّ غير هذا الجو، وتربةٍ غير هذه التربة، فما هو ذنبها؟ وما هي جريمتها؟ وأي حيلةٍ لها في هذا المصير الذي ساقها القدر إليه؟


إنما الإثم على الذين يقترفون الذنوب وهم يعلمون مكانها من الرَّذيلة، ومكان أنفسهم من اقترافها، ويُحوِّلون زمام حياتهم بأيديهم من طريق الخير إلى طريق الشر، إيثارًا لها وافتتانًا بها، أولئك هم الآثمون المذنبون الذين يجدر بنا أن نقسو عليهم ونشتد في مؤاخذتهم. أما الضعفاء والمساكين الذين لا حول لهم في شأن أنفسهم ولا حيلة، فهم برحمتنا وعطفنا أحق منهم بعَتْبنا ولَوْمنا، فإن وجدنا السبيل إلى مُعاونتهم ومساعدتهم واستنقاذهم من وهدة الشقاء التي هووا فيها فذاك، أو لا؛ فلنَدَعْهم وشأنهم تذهب بهم المقادير حيث شاءت من مذاهبها، ولا نزدهم بكبريائنا واستطالتنا بؤسًا على بؤسهم، وشقاءً على شقائهم.

قسم :
معلومات عن الكاتب

وصف مختصر ونبذه عن كاتب الموضوع..

0 commentaires:

    سجل اشتراكك معنا وسيصلك جديد المدونه لكن لا تنسى تفعيل اشتراكك .

back to top