lundi 9 février 2015

غرائب

الكاتب : Cooking recipes بتاريخ lundi 9 février 2015  | بدون تعليق






ذهب الناس في ذلك اليوم تلك المذاهب وما كان لي أن أذهب مذهبهم؛ لأني لا أعجب بما يعجبون، ولا أسر بما يسرون، فقبعت في كسر بيتي أبحث عن ضالة خيال أجد فيها من السعادة والهناء ما يجده الهائمون بين ثغر الحسناء وثغر الصهباء، فلمحت بجانبي كتاب بلاغة الغرب وهو الكتاب الذي ترجمه بعض فضلاء الكتَّاب, وجمع فيه نفائس اللغة الفرنسية وزبدة ما جادت به قرائح كتابها وشعرائها فقلت: حسبي من الرياض هذه الزهرات، ومن النسائم تلك النفحات.
خطوت الخطوات الأولى من سياحتي في هذا الكتاب فرأيتني واقفا تحت نافذة قصر اللوفر في باريس, ورأيت الناس وقوفا في ذلك الميدان الفسيح وقد ماج بعضهم في بعض، حتى ضاقت بهم رقعة الأرض، ورأيتهم يمدون أعناقهم إلى تلك النافذة وينظرون إليها نظر المنجم في الأسطرلاب، ويرقبون منها ما يرقب الروض من غادية السحاب، وإنهم لكذلك وإذا نابليون الأول قد أطل من نافذة قصره كما يطل البدر من وراء الأفق يحمل بين يديه طفله الصغير كما يسميه الناس وملك روما كما يسميه أبوه, فضج الناس لمطلعه ضجيجا ملأ مسمع الخافقين، وابتسموا لمرآه ابتساما أضاء ما بين المشرقين والمغربين، وهنا سمعت الشاعر الكبير (فيكتور هيجو) يخاطب ذلك الملك العظيم بصوت يشبه صوت البحر الزاخر قائلا له:
رويدا أيها الرجل المغرور بالتاج والسرير، والملك الكبير، والجيش الخاضع، والشعب الطائع، أنت تقدّر لطفلك في مستقبل الأيام ملكا كملكك، ومجدا كمجدك، وعزا وسلطانا كعزك وسلطانك، غير عالم بما تكتمه ضمائر الأيام، من الحوادث العظام، والخطوب الجسام، هل أخذت على الأيام عهدا لنفسك فتأخذه لولدك؟ وهل وثقت بما في يدك فتثق بما في يد غيرك؟
أيها الملك المغرور، إنك ستفارق عما قليل هذا القصر الكبير،إلى ذلك الكوخ الحقير، وسيحيط بك الجند في منفاك إحاطة الإخضاع والإذلال لا إحاطة الإعظام والإجلال، وسيموت ولدك محروما هذا العرش الذي هيأته له بل محروما بضعة أشبار من تربة فرنسا يضطجع فيها الضجع.

قسم :
معلومات عن الكاتب

وصف مختصر ونبذه عن كاتب الموضوع..

0 commentaires:

    سجل اشتراكك معنا وسيصلك جديد المدونه لكن لا تنسى تفعيل اشتراكك .

back to top